أم صهيب.. قصة صمود ونجاح سرها صناعة المعجنات
في منزلها المتواضع في مدينة نابلس، سجلت أم صهيب نجاحا آخر لنساء فلسطين، جعلت منه أملا في جمع آمال أسرة وأحلام أطفال للعيش بين أحضان الوالدين، الذي غاب عنهم الأب الحاني والمعيل الوحيد بسبب استمرار اعتقاله من قبل قوات الاحتلال.أم صهيب عمران هي زوجة الأسير والإمام تيسير عمران من مدينة نابلس، تعيش في قلق دائم على زوجها وأطفالها الأربعة، وبات اعتقال زوجها عقبة في أكمال حياتها، فقررت خوض معركتها مع الحياة والاحتلال الذي ما زال يحاول وبشكل متعمد عرقلة حياة الأسر الفلسطينية.فكانت ساعات العمل طويلة تبدأ مع بزوغ فجر كل يوم لتستمر لساعة متأخرة يتضمنها متابعة لأطفالها وتلبية لاحتياجاتهم، خاصة وان فيهم طلبة جامعات يحتاجون لمبالغ كبيرة لدراستهم.
من بيتهاأم صهيب اتخذت من بيتها مصدر رزق في غياب زوجها الأسير، لترسم منه مستقبل أطفالها الأربع وتلبية متطلباتهم الحياتية في ظل غياب والدهم الدائم، فاتخذت احدى غرف المنزل مشروعا صغيرا لصناعة المعجنات والفطائر والذي بنت منه بيتها وأصبح مصدر دخل للعائلة بأكملها وبات عنوانا للجودة والطلبات المتزايدة على صنها المتقن.وتقول أم صهيب أن الظروف التي مرت بها مع عائلتها كانت كفيلة بان تخلق تحديا في استمرار حياتها وبناء أسرتها وتلبية احتياجات أطفالها بسبب غياب الأب والمعيل الوحيد للعائلة.وتضيف أم صهيب "طوال سنوات الانتفاضة الأولى والثانية وزوجي يتعرض إما للاعتقال أو المطاردة، وكان أولها عام 1990 حتى عام 1994، وبعد مرور نحو عامين على انطلاق انتفاضة الأقصى في سبتمبر عام 2000 بدأ جيش الاحتلال يطارده من جديد، واعتقل مرة أخرى ثم أطلق سراحه، وهكذا وبين الفترة والأخرى يتم اعتقاله وهو الآن قابع في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ شهر أكتوبر في عام 2006، ومنذ أن بدأت هذه الاعتقالات لزوجي تتراكم وتتكاثر في كل يوم عن الآخر، فكرت بان اعمل في صناعة المعجنات وأقوم بتوزيعها وبيعها لكافة المحلات، وهذا الامر لاقى إقبالا شديدا من قبل المواطنين في المحلات التجارية، والمؤسسات والشركات الرسمية والأهلية، وأصبحت الدخل الثابت لأسرتي".
جهود شخصيةوهكذا أصبحت أم صهيب مثالا للتضحية والابتكار لمن هم في وضعها من النساء الفلسطينيات، وتذكر أم صهيب فكرة مشروعها وكيفية بدايته لتقول: "إن الفكرة بدأت معها لما يبديه ضيوفها من إعجاب كبير في المعجنات التي تصنعها ومدى إتقان صنعها ولذته، وقد اقترحوا علي أن أقوم بصناعة المعجنات وأشارك بها في معارض المنتجات النسوية التي تقوم بها الجمعيات في المدينة، فكانت تلك البداية".وأضافت "قمت بتخصيص غرفة من منزلي من اجل صناعة المعجنات وابتعت فرن للخبز بمبلغ بسيط كنا قد ادخرناه لأطفالنا، وفي البداية كنت أبيع ما اصنعه لجاراتي وأقربائي وبعض المعارف، وبدأت اشترك فعلا في المعارض وكان هناك إقبال على ما اصنعه، وهكذا بدأت خطوة خطوة وبعد ذلك توسعت في الإنتاج وابتعت فرنا آخر وكبر المشروع وبدأ التوزيع يتوسع إلى محلات أخرى في المدينة".
توزيع المهاموتقول أم صهيب بعد سنوات من بدء المشروع أصبحت هناك مهام لكل فرد في العائلة خاصة في غياب زوجي بسبب الاعتقال، شارك أولادي بصناعة المعجنات وبيعها، والتحضير معي بصناعتها.وبدوره يقول ابنها صهيب "كان علي دور التعامل مع الزبائن وإيصال الطلبات إلى المنازل والمحلات والمدارس أيضا، وأنا وإخوتي نقدر ما تقوم به والدتنا من اجلنا ومن الحفاظ علينا حتى نستطيع إكمال تعليمنا وعيشنا فهي تصر على أن نكمل دراستنا رغم الظروف الصعبة التي مررنا بها سابقا".وتشير أم صهيب إلى أن هناك من كان يقف إلى جانبها ويشجعها، فزوجها رغم ما يمر به دائم السؤال عن حالهم وأوضاعهم يحثها على الاستمرار ويعدها بأخذ الحمل عنها في كل أمل له في نيل حريته خارج قضبان سجون الاحتلال الإسرائيلي.ومع ان زوجها لا زال يعتقل فانه يمكن القول بان اعتماد أم صهيب لم يعد فقط على راتب زوجها، حتى وان أطلق سراحه، وإنما نتيجة لعملها المثابر والدائم فقد استطاعت ان ترسم وتخطط لحياتها ولحياة أسرتها أفضل طريق بفضل الله أولاً وبفضل إبداعها وطريقة تفكيرها التي قادتها لذلك كما تقول.