كفيفة فلسطينية: تعلمت الكمبيوتر حتى لا أكون "عالة" على المجتمع
بدت أنامل راوية دياب الذهبية وهي تتحرك على لوحة مفاتيح الكمبيوتر كأنها تعزف مقطوعة موسيقية، ولكنها مقطوعة من نوع خاص عزفتها لتوصلها إلى منصّات التتويج، وتمكِّنها من استخدام جهاز الكمبيوتر (الحاسوب)، رغم إعاقتها البصرية ودون مساعدة أحد.
الطالبة الفلسطينية راوية عبد الله دياب من قسم علوم التأهيل تخصص تأهيل مجتمعي (20 عامًا) تقول وابتسامة شفافة ارتسمت على شفتيها لصفحة الأمل في موقع mbc.net: "أشعر بسعادةٍ غامرة، بعد أن تمكنت من تأدية الامتحانات الجامعية باستخدام جهاز الكمبيوتر كأي إنسان عادي يبصر بعينيه اللتين غيَّبهما القدر عني، وأبدلني الله بقلبٍ يملؤه نور الإيمان أرى من خلاله الأشياء، وإرادةٍ فولاذية تحديت بها الإعاقة".
وتضيف راوية: "لم أتوقع في يومٍ أن أتمكن من تأدية امتحاناتي وحدي ودون مساعدة زميلاتي، ولكن روح الإرادة وتشجيع المدرسين بددا ما كان لدي من يأس، وتمكنت من الانفراد بورقة الامتحان على جهاز الكمبيوتر الذي عشقته لأنه منحني مثل هذه الفرصة الماسية".
برنامج الإبصارلم تتمكن راوية من إخفاء علامات السعادة التي بدت في أدق تفاصيل وجهها وهي تعمل على جهاز الكمبيوتر باستخدام برنامج الإبصار، "وهو برنامج تطبيقي ناطق لجميع النصوص الموجودة على شاشة الحاسوب عملت الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية على إتاحة استخدامه لكافة الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة".
وتشير راوية إلى أن وصولها إلى هذه المرحلة سيساعدها على التفوق أكثر في دراستها، والتعبير بشكلٍ أكثر حرية عما تريد بعيدًا عن تدخل خارجي قد يعيق أو يحدث خللاً في بعض الأحيان في مضمون الإجابة المطلوبة.
وتتحدث الطالبة الفلسطينية عن تجربة التحاقها بالجامعة قائلة: "بعد تخرجي من الثانوية العامة لم أكن أرغب بالالتحاق بالجامعة، ولكن أهلي عارضوا الأمر وأقنعوني بالتسجيل في الجامعة، ولكني لم أتمكن من التسجيل في التخصص الذي أرغب به، فلم أستطع أن أكمل أكثر من فصل دراسي نتيجة إعاقتي البصرية".
إصرار وإرادةولكن رغبتها في التميز والإبداع كانت أقوى من كل تلك العوامل فدفعتها إلى الالتحاق بالكلية الجامعية للعلوم التطبيقية في قسم علوم التأهيل، وعلى عكس التجربة السابقة لاقت الفتاة تشجيعًا من المدرسين ومساعدة الزملاء.
وبعد فترةٍ من العمل الدءوب والتدريب المتواصل الذي تخلله لحظات من اليأس، وبعض المحاولات الفاشلة استطاعت راوية أن تستخدم جهاز الحاسوب، كأي إنسان مبصر لتحقق ما حلمت به طوال عشرين عامًا.
وبنبرة تملؤها الحكمة توجهت رواية بكلمات إلى كل من حالت الإعاقة بينه وبين التميز والإبداع، قائلةً: "إن الإرادة أقوى من الجبال الراسية، بها يستطيع ذو الاحتياجات الخاصة أن يحقق أقصى ما يريد من أحلام، ويستعيد نور الحياة، ويسترجع ثقته بذاته، وثقة محيطه فيه، ويخدم مجتمعه بدلاً من أن يكون عالةً عليه..".